اختفاء الصحراء

ان حلم زراعة الصحراء فى دولة مثل مصر يصطدم بحقيقة ان الماء المتوفر فى مصر لا يكفى لزراعة سوى خمسة مليون فدان على اكثر تقدير لمدة مائة عام بعدها تتصحر هذه المساحات مرة اخرى والى الابد نتيجة لتفريغها من الماء الجوفى . لكننى اطرح بديلا تكنيكيا  يتمثل فى الزراعة فى فصل الشتاء فقط , لان معدل البخر ينخفض عند ادنى مستوياته بالاضافة الى سقوط بعض الامطار التى قد تكون مناسبة جدا فى بعض المواسم ويمكن الاعتماد عليها بنسبة مئوية كبيرة , وبالطبع فان اتخاذ اجراء مماثل لن يقبله اصحاب الاراضى لان هذا معناه افلاسهم فالزراعة المكثفة هى التى جذبتهم للاستثمار فى زراعة الصحراء , لذلك وبصرف النظر عن هذا الاثر السلبى , فان حلم زراعة اكبر قدر ممكن من الصحراء المصرية والى الابد سيظل خيارا استراتيجيا قد تلجأ اليه الدولة فى وقت لاحق لانه البديل الوحيد لتحقيق الاكتفاء الذاتى من الغذاء , لان مخصص المياه لمحصول شتوى هو اقل عشر مرات من مخصص محصول صيفى مماثل , وهذا معناه ان الخمسة مليون فدان التى نقدرها الآن باعتباره آخر سقف تنموى ممكن ولمدة لا تزيد عن مائة عام قد تغير امام خيار الزراعة الشتوية الذى يؤدى الى زيادة هذه المساحة المزروعة الى خمسين مليون فدان وضمان استمرار الزراعة الى الابد , واذا اخذنا فى الاعتبار ان لمصر مصدر مياه عذب متجدد هو نهر النيل وان الدولة قد انجزت مشروع توشكا الذى احب ان اسميه مشروع زيادة القدرة التخزينية لمياه نهر النيل , فاننا قد لا نقلق اطلاقا على مستقبل الغذاء فى مصر فعند الضرورة يمكن تطبيق نظام الزراعة الشتوية ايضا على اراضى الدلتا والصعيد حيث يعتمد ريها على مياه نهر النيل مباشرة , والهدف من ذلك استثمار الماء المتوفر فى زراعة عشر اضعاف المساحة المزروعة بهذه المياه , وانوه بان الدولة غير ملزمة بانشاء شبكة رى سطحى من ترع ومصارف ومساقى , وان زراعة الصحراء يعتمد على المياه الجوفية التى تجد لها معين متجدد سنويا يتمثل فى مخزون الماء المحتجز فى بحيرة ناصر وتوشكا حيث تتصرف هذه المياه الى باطن الارض لتملأ آبار الماء فى جميع انحاء مصر لان مسار هذا الماء من بحيرة ناصر وتوشكا يتصرف الى الشمال ويظل يتصرف حتى يصل الى اقصى شمال مصر وهذا حقيقى تماما , فهل يجب ان نطرح على شعبنا وعلى جميع فلاحى مصر هذا المقرح باعتباره طوق نجاه ام انهم سيقاومون هذا المقترح لصالح مكاسب انانية